في مقال لها بعنوان “لهذا ستكون حرب المدن في غزة أكثر دموية مما كانت في العراق“،أشارت مجلة “إيكونوميست” إن المعركة ضد تنظيم الدولة في الموصل قدمت دروسا وتحذيرات لإسرائيل.
وتشير تقديرات للمجلة البريطانية، اعتمدت على صور الأقمار الاصطناعية، إلى أن أكثر من عشر المساكن في غزة دمرت بسبب القصف الإسرائيلي، مما تُرك أكثر من 280 ألف شخص بدون مأوى.
وذكرت المجلة إن الحرب في المناطق السكنية دائما ما تكون دموية، مستذكرة الهجوم الأميركي الأول على الفلوجة في العراق عام 2004، والذي أدى إلى مقتل نحو 600 مدني، أو 0.2% من السكان، مقارنة بـ 0.3% من السكان في الحرب الدائرة اليوم في غزة.
أما الهجوم الثاني الذي جاء في وقت لاحق من عام 2004، فقد أودى بحياة نحو 800 آخرين، وترك غالبية مباني المدينة مدمرة. ويعتقد أن معركة مدينة الصدر -إحدى ضواحي بغداد- قتلت نحو 1000 شخص بين مارس/آذار وأبريل/نيسان 2008، من أصل عدد سكان يبلغ نحو مليوني نسمة، وهو عدد لا يختلف عن سكان غزة.
وتضيف “إيكونوميست” أن أكبر حروب المدن في السنوات الأخيرة هي الهجوم على الموصل، التي استولى عليها تنظيم الدولة، من قبل تحالف تقوده الولايات المتحدة. وقتل فيه ما لا يقل عن 9000 مدني خلال عامي 2016-2017، وفقا لمنظمة “إيروورز” التي ترصد الخسائر المدنية. وهذا يمثل 0.6% من السكان في ذلك الوقت. وتضررت بسببها مبان 80% منها سكنية.
اختلافات رئيسية
وأردفت الصحيفة أن هذه الحالات قد تشير إلى أن الحرب في غزة، بالرغم من كونها مدمرة، فهي ليست كذلك بالمعايير التاريخية، على الأقل حتى الآن. ومع ذلك هناك أيضا اختلافات رئيسية:
الاختلاف الأول والأكبر هو وضع المدنيين. في الموصل تتم محاولة منع المدنيين من الفرار، وذلك بإطلاق النار عليهم وتلغيم الممرات خارج المدينة. ومع ذلك غادر كثيرون. وقد رفضت إسرائيل حتى الآن دعوات من الاتحاد الأوروبي، ومن آخرين لمثل هذه الوقفات المؤقتة.
الاختلاف الثاني هو درجة تداخل البنية التحتية المدنية والعسكرية في غزة. ففي العراق، سيطر تنظيم الدولة على الموصل لمدة تزيد قليلا على عامين عندما بدأ معركة إزالتها. وفي المقابل تأسست حماس في غزة عام 1987 ولها جذور سابقة بكثير هناك. ودفاعاتها بنيت حول وتحت البنية التحتية المدنية للقطاع.
الاختلاف الثالث هو التكتيكات. إذ تقول إسرائيل إنها تركز كثيرا على حماية المدنيين، ومع ذلك كان قصفها لغزة مكثفا بالمعايير التاريخية. فقد ألقت 6000 قنبلة على القطاع في الأيام الستة الأولى للحرب، وهو معدل ذخائر يتجاوز بكثير حملات مكافحة الإرهاب الأميركية والغربية. بينما في الموصل، أسقط التحالف بقيادة الولايات المتحدة 7000 قنبلة على مدى شهرين في أشد فترات القصف.
والاختلاف الرابع والأخير هو طبيعة الاستخبارات في ساحة القتال. ففي بداية هذه الحرب كان يمكن أن يكون لدى الجيش الإسرائيلي قدر كبير من المعلومات الاستخبارية عن البنية التحتية لحماس في غزة، التي جمعها على مدى سنوات. وكان يمكن ضرب العديد من هذه الأهداف في الأسبوع الأول للحملة.
الاستخبارات البشرية
وترى المجلة أنه يجب على الطيران الحربي الإسرائيلي الانتقال بعد ذلك إلى الاستهداف “الديناميكي“، أي إيجاد أهداف لم تكن معروفة في بداية الحرب وضربها، ويجب تطويره في وقت قصير نسبيا.
وأضافت أن الاستخبارات الإسرائيلية عانت بالفعل من فشل استخباراتي خطير في غزة، بعد أن فاتتها علامات كافية على استعداد حماس لهجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، لكن من المرجح أن الحركة تتمتع بالميزة الاستخباراتية على الأرض، كما يقول عاموس فوكس، خبير في حرب المدن وكتب كثيرا عن الموصل، حيث يقدم السكان المحليون تدفقا ثابتا من المساعدة الاستخباراتية البشرية لحماس مع تقدم الجيش الإسرائيلي.
وقال فوكس إن “هذا يقلب الوضع المرير الذي رأيناه في الموصل رأسا على عقب. وسيتعين على الجيش الإسرائيلي أن يقاتل بشكل منهجي من خلال دفاعات، وتخطيط، وإعداد أفضل مما كان سيفعله بخلاف ذلك”.
رابط الخبر: https://www.aljazeera.net/politics