تحدثت مديرة نشاط التمريض في منظمة أطباء بلا حدود، إميلي كالي كالاهان، عن تفاصيل المأساة التي يعيشها المدنيون في قطاع غزة المحاصر الذي يتعرض لعدوانٍ إسرائيلي مُكثّف ومتواصل منذ أكثر من شهر.
وقالت كالاهان التي خرجت من غزة الأسبوع الماضي، خلال لقاء مع شبكة “سي أن أن” الأمريكية، أجراه الإعلامي أندرسون كوبر، إنّ أطفال غزّة يُعانون من حروقٍ شديدة في وجوههم، وأسفل أعناقهم، وجميع أطرافهم، ولأنّ المستشفيات مكتظة للغاية، يتمّ إخراجهم على الفور من دون تقديم العلاج المناسب.
وفي وقتٍ سابق، قال المتحدّث باسم منظمة الصحة العالمية كرستيان لاندماير إنّ 160 طفلاً يقتلون يومياً في غزة، وهو ما لا يقل عن 0.5% من سكان غزة.
وتابعت كالاهان أنّ هناك أطفالاً يُعانون من “حروقٍ وجروح مفتوحة حديثة وبتر جزئي يتجولون في هذه الظروف، ويقوم الآباء بإحضار أطفالهم إلينا، قائلين: من فضلكم، هل يمكنك المساعدة؟ من فضلكم، هل يمكنكم المساعدة؟ ولكن ليس لدينا إمدادات أو إمكانية لتقديم المساعدة”.
وعاينت كالاهان الوضع في غزة من كثب، إذ أجبرت مع فريق طبي على التنقل أكثر من 5 مرات على مدار 26 يوماً قضتها في غزة تحت القصف الإسرائيلي.
وجلست مديرة نشاط التمريض في المنظمة العالمية خلال حضورها في غزة في مركز تدريب في خان يونس يضمّ أكثر من 22 ألف نازح من جرّاء العدوان الإسرائيلي، وتقلّ المساحة للشخص الواحد فيه عن 2 متر مربع، وفق “أطباء بلا حدود”، واصفةً الوضع بأنّه مزرٍ، فالمركز لا يحتوي على مياه، والسكان يحصلون على ساعتين من الماء كل 12 ساعة، ولا يوجد سوى 4 مراحيض.
خطر الموت جوعاً وعطشاً
وقالت كالاهان إنّها تعتقد أن الفلسطينيين في القطاع والفريق الطبي مُعرّضون لخطر الموت جوعاً أو عطشاً بسبب نفاد المياه، وإنّ الموظفين المحليين “يطلبون المساعدة ويتصلون بأصدقائهم” للحصول على الطعام والماء، مضيفةً: “عندما أقول إننا كنا سنموت جوعاً، فأنا لا أبالغ”.
وأمس الثلاثاء، تحدّث تقرير في موقع صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية عن أنّ الحصار الإسرائيلي يترك غزة من دون مياه نظيفة ويسبب الأمراض، مؤكداً أنّ “سكان غزة يحصلون على ما معدله 3 لترات من الماء للشخص الواحد يومياً، بعدما انهار إنتاج المياه في القطاع، ووصل إلى نحو 5% من مستويات ما قبل الحرب.
أمّا التهديدات الإسرائيلية بقصف شمالي القطاع، فقد أوضحت كالاهان أنّها كانت ترسل رسالة نصيّة إلى الموظفين في أحد المستشفيات، تسألهم عما إذا كان سيخلونها وينتقلون جنوباً، مشيرةً إلى أنّ “الإجابة الوحيدة التي حصلت عليها هي: هذا مجتمعنا، هذه عائلتنا، هؤلاء هم أصدقاؤنا، إذا كانوا سيقتلوننا، فسنموت لإنقاذ أكبر عدد ممكن من الناس”.
وعندما سُئلت عما إذا كانت ستعود إلى غزة لتخدم مع الفلسطينيين، أجابت: “قلبي في غزة، والشعب الفلسطيني الذي عملت معه كان من أروع الشعوب التي قابلتها”، ووصفتهم بالأبطال الخارقين، مضيفة: “لو أنني أمتلك ذرةً من شجاعتهم، فسأموت سعيدة”.
وعلى الرغم من أنّ كالاهان غادرت غزّة، وهي الآن في الولايات المتحدة الأميركية، فإنّها أكّدت عبر اللقاء أنّها تُرسل رسالة نصية كل صباح عندما تستيقظ، وكل ليلة قبل أن تنام، وتسأل الموظفين الذين تركتهم في غزة: “هل أنتم على قيد الحياة؟”.