فجّر آساف كوهين، النائب السابق لقائد وحدة 8200، مفاجأة مدوّية خلال ظهوره على القناة 12 العبرية حين أقرّ بأن الصواريخ الإيرانية “تستهدف في معظم الأحيان مواقع عسكرية”، لكنها قد تصيب مناطق سكنية. هذا التصريح غير المألوف من شخصية أمنية رفيعة يهدم جوهر السردية الإسرائيلية التقليدية، التي طالما اتهمت إيران وحلفاءها باستهداف المدنيين عمدًا، من دون مواربة أو تمييز. لكن ما كشفه كوهين يتجاوز مجرد تصحيح في توصيف الأهداف، إذ يفتح الباب على مصراعيه أمام سؤال أكثر خطورة: أين تنتهي حدود الفضاء العسكري وأين تبدأ حياة المدنيين في إسرائيل؟.
في الواقع، لا وجود لهذا الحد الفاصل في التجربة الإسرائيلية. المؤسسات العسكرية والأمنية لا تتموضع على أطراف المدن، بل تتغلغل في عمقها، داخل المستشفيات والمدارس والجامعات وحتى المباني السكنية. لم تعد مواقع القبة الحديدية ومقرات الاستخبارات والقيادات اللوجستية محصورة في أماكن مغلقة ومعزولة، بل أُقحِمت في قلب النسيج المدني تحت ذرائع أمنية، حتى أصبحت جزءًا من الحيز اليومي لحياة السكان. هذا التمركز ليس مجرد خيار دفاعي، بل هو سياسة مدروسة، تهدف إلى تحقيق حماية تكتيكية عبر الاحتماء بالبشر، وإلى بناء سردية إعلامية جاهزة تُوظَّف عند كل ضربة على أنها اعتداء على “مدنيين أبرياء”.
رابط الخبر: https://samanews.ps/ar/post/605245