عُلقت في محلات أدوات منزلية في الولايات المتحدة يافطة تحذير لا تقبل أي تأويل: If you break it, you own it (إذا كسرتها فهي لك). في كل ما يتعلق بغزة، كان هذا التحذير أمام أصحاب القرار منذ 7 أكتوبر. إذا دمرت غزة فهي لك. غانتس وآيزنكوت يلذعان نتنياهو بين الحين والآخر على أنه تخوف من فتح عملية برية في القطاع فور المذبحة. شجعاه لكنه أخّر. في نظرة إلى الوراء، يمكن إبداء تفهم أكبر للمخاوف.
في غضون أسابيع، أنجر نتنياهو إلى التطرف الثاني: لم يدخل دخولاً برياً فحسب، بل دخول بري حتى النصر المطلق؛ ولم يرد حسم المعركة مع إطار حماس العسكري، بل إبادة حماس حتى النفق الأخير، حتى المخرب الأخير. عرفت قيادة الجيش بأن هذه أهداف غير قابلة للتحقق، لا في إطار زمني يتناسب والتوقعات، ولا لثمن معقول، ولا حين تتعلق حياة عشرات المخطوفين بشعرة. لكن الجيش يسير على عادته: تولى قيادة المنطقة الجنوبية في بئر السبع ضباط تمتلئ أكتافهم بالرتب العسكرية وأصدروا خططاً؛ فرق تدخل؛ فرق تخرج؛ كل جولة حظيت بلقبها البطولي، بادعاءاتها بالنصر، رغم أن البحر بقي البحر ذاته، والرمل ذاته، وغزة هي ذاتها، والنتائج ذاتها.
انقضت 22 شهراً منذئذ حيال ما رأيت على الأرض، حيال أنباء قاسية تخرج يومياً من هناك، أتمزق إلى شطرين: القلب يتمنى نجاحاً صاخباً، وإنجازاً عسكرياً ينهي هذه القصة المتواصلة إلى الأبد، لكن الرأس يرى انعدام جدوى، وفقدان طريق، وثمناً.
بعد المذبحة كان ينبغي ضرب حماس، بكل قوة، حتى ولو بثمن ألم بالمدنيين. هكذا فكرت في حينه، وهكذا أفكر اليوم. لكن بعد سنة، في الواقع قبل ذلك، كان يجب على الحكومة والجيش أن يفهموا بأن الوضع في غزة انقلب: المنفعة المستمدة من قتال خمس فرق، أكثر من كمية الجنود الذين انتصروا على الجيش المصري في حرب يوم الغفران، تبدو منفعة صغيرة حتى هامشية. أما الضرر بفقدان المقاتلين وبمكانة إسرائيل والمس بالمدنيين فهو آخذ في التفاقم. حماس مذنبة لكن إسرائيل مسؤولة.
رابط الخبر: https://www.alquds.co.uk